متاح الآن

الوحدة الغائبة



الدكتور أحمد الحويط

حلم كل العرب هو وحدتهم، وهو ما يمارسونه يوميا حيث يتكلمون نفس اللغة ويصلون نفس الصلوات، ويتشابهون في نفس العادات الجيدة والسيئة في آن واحد، ومنذ نصف قرن تقريبا تمت شيطنة فكرة الوحدة، فهناك دول النفط الغنية، ودول الماء الطامعة في ثروة دول النفط، وتم تقسيم العرب الي محور ممانعة ومقاومة، ومحور اعتدال يمثله ممالك النفط والرجعية العربية، وبالتدريج وببطء شديد ودعم غربي صهيوامريكي تم تشويه كل ما يمت بصله لمقاومة المشروع الصهيوني، والمؤمن في نفس الوقت والقومية والعروبة وضرورة الوحدة، ولأن القضية المركزية هي فلسطين فقد تم تسليم مفاتيحها للفلسطينيين فقط ممثلين في منظمة التحرير الفلسطينية التي قبلت بوضع مزري بالحصول علي منصب خفير درك للصهاينة، وبالتالي أعطت حجة لمعسكر الاعتدال للتخفيف من أعباء القضية، وتكون فسطاطان الاول نظم الحكم والمنتفعين والتابعين والمستعملين من أسيادهم ، الآخر هو الشعوب والجماهير العربية الطامحة لحياة كريمة واستقلال القرار الوطني، وهو ما يمثل جوهر الحالة الراهنة الناتجة عن التشرذم العربي، سواء علي مستوي النظام الرسمي، أو داخل المجتمع العربي ذاته التي يسوده الانقسام سواء دينيا أو طائفيا أو جهويا، تغذي الانقسام آلة إعلامية خبيثة يقف ورائها أعداء الأمة.

السؤال الذي يطرح نفسه هو هل هناك حاجة ماسة للوحدة؟ وهل هي مفيدة سواء علي مستوي الكيانات القطرية أو علي مستوي الأفراد كمواطنين في هذه الكيانات ؟.
الإجابة عن هذا تشير إلى أن طريق الابتعاد عن الوحدة والممارسات غير المعلنة لأغلب الأنظمة العربية أدت لمجموعة من الانعكاسات أهمها تردي الوضع المعيشي للمواطن العربي، وتراجع التأثير السياسي للعرب عموما، وتعميق تبعيتهم للغرب وامريكا ، ماجعل الأنظمة تكرس جهودها في محورين أساسيين هما الحفاظ علي كراسي الحكم، والانصياع لمطالب السيد الأمريكي والصهيوني وتحويل ولاءهم ضد مصالح الأمة.
أصبح من المؤسف التذكير بالامكانيات المهدرة للأمة سواء ثروات أو موقع او كتلة بشرية، يتم استنزافها بواسطة قوي خارجية ممثلة في الشركات المتعددة الجنسيات ، كذلك من طبقة فاسدة تتحكم وتسيطر علي مفاصل الدولة العربية، وتستبعد وتستعبد المواطن، الفرق في ذلك بين دول النفط أو دول الماء، الجرح واحد والعلاج معروف، ولكن العلاج ممنوع ومحظور بفعل فاعل،.
بوصلة الوحدة عنوانها فلسطين، فالتحرير في فلسطين لا ينفصل عن تحرير كافة الأقطار من أنظمة التبعية والتفرقة، ولعل طوفان الاقصي يكون البداية لأول طريق الوحدة الذي يبدأ بتوحيد الصف وصولا لوحدة الهدف، لتحقيق الوحدة الكاملة.
02:28 PM

ليست هناك تعليقات

نرحب دائما بتعليقاتكم